مقالات الخامسة

الرصيف ليس “ديكوراً”

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كتب: صلاح هنية:

ثقافة استخدام الرصيف بحاجة إلى تعزيز وإعادة اعتبار كون الغالبية العظمى، خصوصاً في مراكز المدن، يسيرون على الشارع وليس على الرصيف، المبرر الحاضر بقوة منذ سنوات مضت أن العوائق على الرصيف تعيق المسير، وتدفعنا إلى الشارع، وعندما نشطت بعض البلديات وليس كلها في إزالة العوائق والتشدد في هذا الأمر، من حيث إنفاذ القانون ومتابعة على مدار الساعة، وأتيحت الأرصفة في بعض المدن، لم تنته الظاهرة بالمطلق، لكن قد تكون تراجعت نسبياً.
وانتقل الحديث عن وجود الرصيف المناسب للمشي لكافة الأعمار ولكافة الأوضاع الصحية سواء الإعاقة أو كبار السن وغيرها، وذهبت بعض البلديات صوب تأهيل الأرصفة بصورة توفر مساحة مناسبة وتسوية منسوب الأرصفة بصورة تفي بالغرض المطلوب منها حسب تعريفها ومواصفاتها، ومن الطبيعي أن يثار نقاش حولها من أصحاب المحلات والعمارات، إلا أن الأمر قد بات سهلاً وميسراً لأن الجميع يعي أهميتها ولكنهم يحرصون على الجدول الزمني وساعات العمل وملاءة المقاول المنفذ للمشروع.
وهناك بلديات رفعت مستوى الأداء من حيث وظيفة الأرصفة، الأمر الذي قاد إلى توسيعها لتفي بأغراض المشاة والدرجات الهوائية ومساحة الأشجار التي تناسب طبيعة أغراض الرصيف وتصنيف المنطقة تنظيمياً، ولكل اقتراحه في هذا المجال الذي يذهب باتجاه تقليل مساحة الرصيف والمطالبة بتضيقها، بينما ترى بعض البلديات أن هذا أمر لا تهاون به لأن المشاة لهم حقوق.
في هذه الأجواء بات ملحاً جداً، مجتمعياً ومؤسساتياً ورسمياً، العمل باتجاه تعزيز ثقافة السير على الرصيف بصورة تطوعية، بداية سواء بتوزيع نشرة تثقيفية أو وردة لمن يسير على الرصيف وغيرها من الحوافز، لننتقل إلى تحرير مخالفات لمن لا يلتزم ويعيق السير من خلال تواجده في الميادين والطرق بصورة ترفع الخطورة المرورية على الطرق، وهذا ليس تلويحاً بالمخالفات، بل أمر ضروري للتنفيذ.
ولا أرى إضافة في التأكيد أن هذه الثقافة تبدأ في المدارس وخطبة الجمعة والإعلام والمقاطع التوعوية، رغم أن منفذي هذه الثقافة باتوا يرون فيها تكراراً لا يقود إلى سلوك إيجابي في الشارع، ولكن المجتمعات الإنسانية تذهب بهذا الاتجاه وتصمم نموذجاً لميادين وأرصفة وطرق وتجعل الأطفال خصوصاً يعايشون التجربة في هذه المواقع ليدركوا خطورة السلوك الخاطئ، وقد تكون هذه النماذج منصوبة في الحدائق العامة أو مراكز ترفيهية متخصصة تزرع هذه القيم من خلال النموذج المجسد في هذه المراكز وحتى المدارس.
وقد نذهب من هنا إلى ثقافة شاملة تتعلق بمنع استخدام «الزامور»، وإطلاقها في كل الأحوال، محدثتي الفرنسية التي كنت أرافقها في جولة في المدينة أبدت استغرابها من الإفراط في استخدام «الزامور»، وسألتني: ما الداعي لهذا الضجيج؟ وهذه واحدة من عناصر الثقافة المطلوب تعزيزها، ومنح الأولوية، ومنع التجاوز الخاطئ، ومنع السير عكس السير خصوصاً في المناطق التي يعتبرها البعض خارج سيطرة الشرطة الفلسطينية!، استخدام الغماز والاتجاه نحو ما يشير السائق عبر الغماز وليس عكسه.
ثقافة مرورية متكاملة لا تبيح حجز الشارع لأن شاحنة ستأتي والله وحده يعلم متى ستأتي، والرغبة بإزالة حديد الحماية على الأرصفة لمنع قطع الطريق إلا عبر خطوط المشاة فقط بهدف استباحة الرصيف لاصطفاف المركبات عليه، والتزام سائقي التاكسيات بمواقفهم، وعدم الاعتداء على مواقف المواطنين بمركباتهم، والاستفادة من المواقف العامة المخصصة لوقوف المركبات الطويل، والإصرار على توفير عدد مواقف مناسب في كل عمارة أو مجمع يتم بناؤه.
ولا يعقل أن نكتفي بحالة التذمر خصوصاً من قبل أهلنا الذين يعيشون في بلاد الاغتراب ويأتون فقط يتذمرون ولا يساندون حملات التوعية، ولا بتقديم مقترح متكامل للخروج من الواقع، وهنا يتعاظم دور البلديات التي يعمل بعضها بجد واجتهاد للخروج من هذه الدائرة وتعزيز الثقافة عبر التوعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى