حكايا في زمن الحرب.. أحلام باهي المعلقة على الجدران!
"كنت مفكر إني قد أحلامي، بالآخر اكتشفت إنه أحلامي بهاي البلد على قدي، وبلحظة وحدة خسرت كل حياتي وطموحي"
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
إعداد: شيماء مقداد
غرفة صغيرة دافئة مليئة بالأحلام، معلق على جدرانها عشرات الرسومات والتصاميم لسيارات كان يحلم “باهي” بتنفيذها، لكنها تحولت إلى ركام!
باهي الضبة 28 عامًا، خريج وسائط متعددة وكهرباء سيارات، ورث شغفه برسم وتصميم السيارات عن والده، كان يُجهز بالفعل لتحقيق حلمه بتنفيذ المشروع الأول من نوعه في فلسطين ” مقهى مكون بالكامل من قطع السيارات القديمة”، يستهدف من خلاله الشباب الشغوف بعالم السيارات والأنتيكة.
فكر “باهي” كثيراً، وخطط لاستثمار دراسته وموهبته بتصميم ورسم السيارات، من خلال مشروع يعتبر صديقًا للبيئة، يقوم من خلاله بإعادة تدوير القطع القديمة من مخلفات السيارات، وتصنيعها كأثاث للمقهى الذي يحلم به، فيقدم بذلك خدمة للبيئة المحيطة بتخليصها من بقايا السيارات المتروكة كنفايات صلبة، و يتلافى التكلفة الكبيرة لشراء أو استيراد سيارات من خارج قطاع غزة، وإلى جانب ذلك كله يقوم باستقطاب فئة الشباب والمهتمين بعالم السيارات.
عمل “باهي” لسنوات طويلة باجتهاد، ناثراً أحلامه على طاولة المكتب وبين الرفوف، يرتبها كل صباح، ويعمل على تطويرها اذا حل المساء، حتى عمل مؤخراً كمساعد مهندس مدني، بالإضافة لعمله عن بعد مع العديد الشركات خارج غزة في مجال ( industrial design ) التصميم الصناعي.
في ذروة الأحلام، لم يتخيل “باهي” ولو للحظة ما سيحدث لغزة، لم تدمر الحرب أحلامه فقط، بل دمرت المدينة بأكملها، وحولت منزله الدافئ، ومكتبه المليء بالشغف، إلى كومة كبيرة من الركام!
قرر الاحتلال الإسرائيلي ذات ليلة تدمير مدينة الزهراء التي يسكن بها “باهي”، ليلة كاملة قضاها وسكان المدينة بأكملها في العراء، يشاهدون من بعيد كيف يتم نسف مأواهم ومأمنهم وذكرياتهم مع كل صاروخ!
أصبح باهي نازحاً يُجر خلفه أذيال الخيبة والخذلان، خسر كل شيء، البيت، العمل، المدينة، والأحلام، فاضطر إلى ترك البلد التي أحب هربًا من الموت، ومحاولةً لإنقاذ ما تبقى من شغفه.
ككل الذين حاولوا النجاة، سافر باهي إلى جمهورية مصر العربية يناير 2024، تاركًا خلفه عائلته وحطام أحلامه في غزة، يطمئن عليهم عبر الهاتف و من خلال نشرات الأخبار، ليحاول اكمال مشواره و استعادة بعض المشاريع والشركات التي كان يعمل معها قبل الحرب.
آمن باهي دائما بأن الإرادة والعزيمة التي لديه، لن يكسرها حصار غزة وحربها أبدا، واليوم يعمل مع العديد من الشركات العربية في مجال( industrial design ) التصميم الصناعي للفنادق والمنتجعات السياحية .
وقفت الحرب سداً أمام طموح باهي وأحلامه بالوصول للعالمية، وعلى الرغم من أن الطريق صعب وطويل، لكن تحقيق حلمه ليس مستحيلاً، سيعبد الطريق بإنشاء موقع خاص به يتسنى للمهتمين وعشاق تصاميم السيارات من الوطن العربي ودول الخليج التعرف على موهبته وعمله من خلاله.
لايزال “باهي” يحلم بالرجوع إلى غزة وبناء مأواه من جديد ليعلق على جدرانه أحلام جديدة، وينفذ مشروعه على أرض غزة، يتمنى أن تنتهي الحرب، والموت، ويختفي الانقسام، والتنظيمات، ويكون شريكًا في إعادة الحياة لغزة وأهلها.
حكايا في زمن الحرب