ثابت

غزة خارج التغطية: كيف وظف نتنياهو الحرب على إيران لطمس المجازر؟

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

غزة خارج التغطية.. مع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، وما تبعه من هجوم أمريكي على منشآتها النووية، تحوّلت بوصلة الاهتمام العالمي نحو طهران وتل أبيب وواشنطن، تاركةً خلفها مجازر متواصلة في قطاع غزة، لم تعد تتصدر نشرات الأخبار أو تحظى بإدانات سياسية وازنة.

وبينما انشغل العالم بتحولات المشهد الإقليمي، توقفت التصريحات الغربية التي كانت تصدر على استحياء بشأن المأساة في غزة، حتى تلك التي وُصفت سابقًا بـ”الجعجعة بلا طحين”، غابت اليوم بالكامل، في ظل صمت رسمي وركود إعلامي يوازي حجم الفاجعة.

تغييب مقصود ومُستغل

رغم إعلان جيش الاحتلال سحب بعض وحداته من قطاع غزة، فقد تواصلت جرائم القتل بوتيرة متصاعدة، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 600 فلسطيني منذ اندلاع المواجهة مع إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري — رقم يوازي عدد القتلى في الهجمات الإسرائيلية على إيران نفسها.

ويرى محللون أن هذا التغييب الإعلامي لم يكن صدفة، بل جاء ضمن استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى نقل التركيز الدولي بعيدًا عن غزة، والترويج لصورة إسرائيل كدولة “مستهدَفة” بدل أن تُدان على جرائمها في القطاع. وقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت أن نتنياهو نجح في صرف الأنظار عن حربه المتعثرة، والمستمرة رغم تكاليفها الباهظة.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

وأكدت السيناتور الأمريكية إليزابيث وارن هذا المسار، حين قالت إن نتنياهو “يعتقد أن أحدًا لن يلاحظ ما يفعله في غزة بينما يقصف إيران”، وأضافت في تدوينة عبر منصة إكس: “العالم يراك يا بنيامين نتنياهو”.

غزة خارج التغطية

مجازر في طوابير المساعدات

من جهة أخرى، تواصلت المجازر عند نقاط توزيع المساعدات في غزة، حيث تستهدف قوات الاحتلال الفلسطينيين المجوعين، في مشهد دموي يتكرر بشكل يومي، وأدى حتى الآن إلى استشهاد أكثر من 450 شخصًا وآلاف الجرحى.

وتحولت تلك المراكز إلى ما يشبه “مصائد الموت”، رغم جهود منظمات دولية كالأنروا ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي التي أعربت عن قلقها من استمرار المجاعة، ونددت بمقتل مدنيين أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية أساسية.

شلل القطاع الطبي

وبموازاة المجازر، يعاني القطاع الطبي في غزة من انهيار شبه تام. فقد توقفت سيارات الإسعاف في مدينة غزة كليًا، نتيجة منع دخول الوقود، كما أعلن مجمع ناصر الطبي نفاد الحليب العلاجي المخصص للأطفال الخدّج والرضّع، مما يهدد حياتهم في ظل غياب أي بدائل.

“روتين الدم” يستمر

رغم أن غزة لم تعد أولوية عسكرية لدى الاحتلال منذ بدء العدوان على إيران، فإن ذلك لم ينعكس على وتيرة العنف، بل زادتها تفلّتًا. ففي يوم واحد فقط (18 يونيو/حزيران)، استشهد 140 فلسطينيًا، بينهم مدنيون قُتلوا في خيامهم أو داخل منازلهم، من شمال القطاع حتى جنوبه.

كما شهدت المنطقة الوسطى، وتحديدًا جسر وادي غزة، عمليات قصف مكثف طالت المنازل القريبة من نقاط توزيع المساعدات، لتوسيع المنطقة العازلة على طول محور نتساريم.

وشملت عمليات الإخلاء القسري المدنيين في أحياء عدة مثل البلدة القديمة وحي التفاح في غزة، ومدينة حمد في خان يونس، ما أجبرهم على تكرار رحلة نزوحهم في ظروف قاسية وغير إنسانية.

غزة خارج التغطية… اغتيال الرموز الإنسانية

لم تسلم الشخصيات الإنسانية من الاستهداف أيضًا، فقد اغتالت قوات الاحتلال الناشط الإغاثي والفنان محمود خميس شراب أثناء وجوده داخل خيمته في مواصي خان يونس. وكان آخر ما نشره قبل استشهاده بساعات إعلانًا عن توزيع سيارات لنقل مياه الشرب لأهالي القطاع.

“خنساء فلسطين” تتكرر

وفي مشهد مأساوي، فقدت المواطنة إيناس فرحات سبعة من أطفالها في قصف استهدف منزلهم بحي الزيتون جنوب مدينة غزة، لتصبح بذلك “خنساء فلسطين” الثانية، بعد والدتها أم نضال فرحات التي استشهد لها ثلاثة أبناء في الانتفاضة الثانية.

أرقام لا تجد من يسمعها

بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة نحو 56 ألف شهيد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات الدولية من تفاقم كارثة إنسانية شاملة، دون أي مؤشرات تدل على توقف قريب لنزيف الدم الفلسطيني — الذي لم يعد في نظر العالم سوى “خبر منسي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى