مقالات الخامسة

علي الزعتري: كُرَة و كُرْهْ.. عندما يفرض الغرب الرذيلة على مونديال قطر؟

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الحكاية ليست رمانة بل قلوب مليانة و ليست الكرة بل الكُرْه، من الكراهية و من عنجهية الإكراه.

لم أستطب الكتابة عن كأس العالم في قطر مع الزخم المتداول مدحاً و ذماً لكنني رأيتُ في الحدث ما يستحق الكتابة بعدما ظننتُ أنه لا يستحق لذبول اهتمامي بالكرة عموماً. لكني وجدت أن الاستحقاق له جذورٌ في صراعِ الحضارات و أساليب الإكراه. و أظن كأس العالم فارقةٌ بين وضعين ما قبل و بعد.

لا أدري لِمَ يريد الغرب المتحضر أن يُقحِمَ حقوق الإنسانً في اختيارهم في الغرب تحديداً أن تُطلقَ الرذيلة بأنواعها من كل عقالٍ. نحن نرى الرذيلة فهي عندنا كما عندهم لأنها إن شئت عُملةٌ عالمية تتواجد دون عناء لكنها عندنا كما في التوراة و الإنجيل مقيدةٌ و مسجلةٌ فاحشة جريمةً و نحن نرضى هذا الحكم وهم في الغرب الحاكم يرفضونه بل و ينافق كثيرٌ من رؤساء الكنائس و الحاخامات و بعض المتأسلمين بشأن الرذيلة لزوم “أكل العيش”. المهم أن الرذيلة في كأس العالم سُمِّيتْ بما تستحق و مُنِعَ الترويج لها. و الغرب الألماني و الدانمركي و السويدي و البريطاني علي الأقل كمم أفواهه و لبس الشارات ترويجاً لها بل و هدد بالانسحاب. عالمٌ يقاوم الرذيلة و عالمٌ يروجها. حقوق إنسان كما يقولون عندما الجنس الرذيل هو الموضوع و تعمى العيون عن باقي الحقوق عندما المحقوق هم و ربيبتهم الصهيونية. إذاً هما فِكرينِ تاقا للظهور علانيةً و بوضوح فكانت كأس العالم مسرحاً لهما. و لن يلتقيا. الرذيلة رذالةٌ في الأخلاق لا نرضاها.

لكن الغربُ يدفع الرذيلة علينا بالإكراه. بالعنجهية البغيضة. بلغةِ الحرف و الجسد الاستعمارية. إنه لن يُجبِرَ كلباً ببيتهِ أن يفعل ما لا يريد و يريدنا أن نفعل ما يريد. إنها النظرة الدونية التي تُغذي كل علاقاتهم بنا. يتفاجئ المعلق الفرنسي أن لديهم مساجد كثيرة في قطر! فينبههُ زميله خوفاً من أن يطول لسانه. لهم، نحن، لم نصل حتى لمرحلة “المتوحش الجميل” بل المتوحش القبيح. هكذا يروننا.
لذلك حسناً فعلت قطر، قصداً أم صدفةً، في الدعوة للأخلاق والدين. و حسناً فعل الجمهور العربي الذي يرفض التطبيع حتى رسم الكآبة علي وجوه الإعلام الصهيوني. و النقطتين فارقتين كذلك.

لا يمكن مواجهة الرذيلة دون دعوة. الرذيلة الشاذة تحظى بدعمٍ غير محدود من الغرب علي كل مستويات الحكم و الإعلام و تكتسح كل مجتمعٍ. هي عندنا ليست اختياراً بل خطيئةً تجعل من محاربتها مقصداً للشريعة الإسلامية و المسيحية و للقانون و التربية و التوجيه المجتمعي و الإعلام. و للسياسيين يدٌ في ردع المطالبات بحريةِ الرذيلة عبر رفض اشتراطها في القروض و المعونات والهبات الغربية وعبر ترشيح الرذلاء لمناصب سياسية تمثيلية لبلادهم ببلادنا. قطر بكأس العالم شكلت حالةَ الرفض و وضحت أين نقف من الرذيلة. علينا المسير في الرفض والتوضيح لأن ما من بديل لهما.

ولقد صَوَّتَ العرب ضد التطبيع. في باحات الدوحة التي فتحت باباً للصهاينة الإعلاميين بحكم دُوَلِيةِ اللقاء الكروي، لكن العرب سدَّوا الباب. قطعاً لن يؤثر هذا التصويت الشعبي في وقف التطبيع الرسمي لكنه فارقةٌ لأن عربياً التقى بصهيوني إعلامي يتوقع الترحيب فاتضحت له الصورة: إنهم يكرهونا! قالوها لهم بوجوهم أن لا “إسرائيل” وأنها عنصرية وفلسطين حرة و لنا. لذلك فليقل الرسميون العرب ما يريدون ترحيباً بالرذيل الصهيوني. أما العرب الصح فقد قالوا له لا و لن تفتح له أبواب قلوبهم.
ونعم، يثير الغرب لقطر قضايا حقوق العمال الذين شيدوا بناء الملاعب و البنية التحتية. و قد يكون هناك ما ينبغي توضيحه. في المحاكم و بمنظمة العمل الدولية. لكن الغرب أراد استغلال سلة القضايا و خلطها ورميها بوجه قطر. و لست أدافع عن قطر فلها من يدفع عنها، لكنني أهاجم عنجهية و سواد نوايا الغرب الذي يرى فقط ما يريد و ليس ما نريد و ما نرى.

هناك ما يستحق التحليل في كأس العالم. ليس الكرة وليس الكأس. بل الكره و الإكراه. بل الحق و الباطل. بل الشرق والغرب.
دبلوماسي أُممي سابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى