تقارير

سوق الزاوية في رمضان .. فيه كل ما يشتهي الصائم «من الحامض للحلو»

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الخامسة للأنباء – تقرير خاص – محمد وشاح
مجرد أن تطأ قدماك “سوق الزاوية”، تشعر وكأنك تتجول في حارة من «القدس العتيقة»، كونه يختلف عن باقي أسواق القطاع إذ يكسو جدرانه العتيقة عبق الماضي.

ويعتبر سوق الزاوية الشهير في قطاع غزة مقصدًا لكل الفئات والشرائح المجتمعية، بمختلف طبقاتها، نظراً لتنوع منتجاته و أسعاره التي تتناسب مع إمكانيات المواطن الغزي البسيط.

ويستعد العالم العربي و الإسلامي لاستقبال شهر رمضان المُبارك، ففي الأراضي الفلسطينية تتزين الشوارع بالفوانيس الرمضانية، وحبال الإضاءة، إضافة للأجواء الروحانية التي تخطف القلوب والأنظار.

ويقوم المواطن الغزي بشراء مالذ و طاب من المأكولات والمشروبات الخاصة بالشهر المُبارك، لذا تصبح الأسواق مكتظة بالناس قُبيل بدء شهر رمضان.

لماذا سُمي بـ« سوق الزاوية» ؟

يتربع “سوق الزاوية ما بين شارعي عمر المختار والوحدة الرئيسيين وسط مدينة غزة و يعد امتدادا تاريخيا لسوق القيسارية الذي يعود إنشاؤه إلى العهد المملوكي.
سمي بسوق” الزاوية” نسبة للزاوية التي انشأها التجار الهنود، الذين قصدوه في الماضي و قاموا بشراء أرض لإقامة زاوية خاصة بهم، تُسمى في الوقت الحالي زاوية الهنود.
أما في عهد الإنتداب البريطاني فكان يطلق عليه إسم “سوق الأفندية” لأنّ أكثر من كان يتبضع منه آنذاك من الطبقة الثرية والموظفين الذين كانوا يتقاضون رواتب جيدة في ذلك الزمن.

أجواء وطقوس رمضانية نادرة

بمحلاته القديمة وأقواسه التراثية، وبضائعه المتنوعة وعرضها الجذاب، يجلب سوق الزاوية بغزة آلاف الفلسطينيين في شهر رمضان، فيضج بالحياة من صباح كل يوم من الأيام المُباركة و حتى آذان المغرب.

ويتزين السوق خلال الشهر المبارك بالإضاءة في كُل زواياه، و تملأه أصوات البائعين مُرحبين برواد السوق، حيث لوحظ أن نسبة الشراء عند الناس تزيد في رمضان، نظراً لوجود كُل متطلبات الأسر.

وتفوح من زواياه رائحة أعشاب الزعتر، والبابونج، والمرمية، والمخللات وأنواع أخرى من الأعشاب الطبيعية التي تجذب زبائن السوق العريق.

« فيه من الحادق للحلو »

كون الصائم يشتهي ويُحب أن يُنوع في مأكولاته يقدم المواطنون على شراء الأطعمة الخاصة برمضان، كالقطائف وغيرها من الأطعمة والتي تشعر أنها لا تليق إلا بشهر برمضان، ويعتبرها الغزيون حلوى رمضان.

ويُباع في السوق أيضاً طوال أيام شهر رمضان المبارك المنتجات الرمضانية كالتمر والمخللات، في حين يستعد السوق في أواخر الشهر الفضيل بتهيئة نفسه لإستقبال العيد من خلال الحلويات التي تزين كافة المحلات فيه.

وتنقسم شوارع السوق لعدة زوايا حسب السلع والمنتج المعروض فهناك زاوية الخضار و زاوية سوق العطارين وزاوية للسمك، وأخرى للفواكه، وزاوية لألعاب الأطفال.

تتضاعف أعداد زوار السوق الأثري في المُناسبات السنوية، كرمضان والأعياد والمواسم، إذ يضم في ثناياه سوقا للذهب والفضة والزينة النسائية، كذلك مختلف أصناف المنتجات الغذائية، الحلويات، الخضار والفواكه، الدواجن البلدية، الأسماك، اللحوم الطازجة والمجمدة، الملابس، المُسليات، مستلزمات البيوت، أصناف العِطارة والأعشاب والبهارات وغيرها، مُجسدًا المقولة الشعبية الشهيرة « فيه من الحامض للحلو » وتعني أنه يضم كل شيء.

مشروع مُقترح لتطوير «سوق الزاوية» الأثري

كشفت مؤخراً بلدية غزة، عن وجود مُخطط لترميم سوق الزاوية، يهدف إلى المحافظة على الطابع التراثي الأصيل الخاص بالمكان، وجعله أكثر تنظيمًا وترتيبًا مما كان عليه، لكي تُصبح معالمه الجديدة جاذبةً للمتسوقين والزوار بشكل أكبر من الحالي.

ويشمل المخطط صيانة أزقة السوق وتوحيد للممرات والمداخل والواجهات والمخارج، وإنشاء سقف مُوحّد لكل السوق بطابع إسلامي “أقواس” للحماية من الشمس، وتزويد المحلات بالطاقة البديلة.

تحظى فلسطين وقطاع غزة فيها بمكانة كبيرة من حيث التراث الثقافي وبحكم موقعها الجغرافي الإستراتيجي، وتاريخها المُشرف والأماكن الأثرية فيها، والأسواق ذات الطابع الشعبي، وهذا مع يجعلنا فخورين جداً وممتنّين لمكاننا التاريخي الخاص في هذا العالم، وهذا هو السبب الذي يجعلنا شديدي الإرتباط بأرضنا وهويتنا وتراثنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى