مقالات الخامسة

الجامعة الأردنية مصدر فخر جماعي…

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الكاتب: د. محمد نعيم فرحات

ليست الجامعة الأردنية جملة اسمية فقط، بل هي حشد من المعاني والأدوار والوظائف والمجازات، يسكن الحيز العالي في وعي ووجدان أجيال متعاقبة من الناس.

عندما قامت الجامعة كان البعض منا أطفالا، كبروا معها لكنها كانت تكبر أكثر. وكان الالتحاق بها وبعوالمها طموحاً لأجيال، بل وكانت حتى زيارتها من طرف عموم الناس، كمثل زيارتهم للمعالم الكبرى ترّقي لمرتبة الحدث الذي يتحول لذاكرة جميلة.

***

الجامعة الأردنية هي من بين أجمل وأفضل ما أنتجته التجربة الأردنية المعاصرة، قامت بدور واسع وشاسع في حقل الهندسة البشرية، هندسة وعي الناس وطريقة إدراكهم ومعرفتهم، بما يؤهلهم للتعامل مع الواقع وتحدياته ومتطلباته، والترقي الحضاري والثقافي للمجتمع، وإدماج المعرفة في تدبر شؤون الحياة والوجود للناس. وفي سياق أخر، تمثل الجامعة الأردنية جماعة انتماء فعلي ورمزي معاً، لمئات الآلاف ممن درسوا أو عملوا فيها أو أحبوها، وهي أحد مصادر الفخر الجماعي للأردنيين.

أغلب أبناء الأجيال التي عاصرتها، كانوا يرغبون في أن يكونوا طلاباً ، أو أن ينالوا امتيازاً رفيعاً في أن يكونوا أساتذة أو عاملين فيها.

***

دون أن نسأل، لا، عن إحصائيات، ولا عن دراسات، لنتأمل في عقد مقارنة بسيطة بين لحظتين في تاريخ الجامعة.

كم كان عدد الطلاب والطالبات في سنوات التأسيس الأولى للجامعة، وكم هو عددهم اليوم. وأين هي الأجيال المتتالية التي تخرجت منها، وكيف تحول تأهيلهم فيها: لخير وحضور وترقي متعدد المستويات في حياتهم، أدوار نثروها في حياة المجتمع، أثمرت الكثير، وكيف صارت الجامعة استثمارا عميقا وشاسعا في حياة ناس وبلد ومجتمع.

إن الفرق بين كلا الصورتين لا يتعلق فقط بالأرقام أو بما تقوله، بل بدلالاتها التي تستحق التوقف عندها وقراءتها. والتأمل فيما يمكن تسميته ومرة أخرى بلغة الهندسة، بالمنحنى المعرفي للتأهيل وما يجلبه من فرص ومن قدرات ومن تطور وتغيرات يصعب تعقبها لعدها. وتظل الجامعات كمؤسسات معرفية، الصانعة الأولى للتحولات، التي تحصل في المجتمع، وللنهوض وصياغة الخيارات الكبرى.

***

الجامعة الأردنية قبل تصنيفها الأخير من بين أفضل 800 جامعة في العالم وبعده، ليست مساحة تقوم على تلال عزيزة في ربى عمان، إنها حرم ومجاز شاسع، له المساهمة الأهم والأكثر استدامة، في صياغة الوعي الفردي والجمعي، وإحدى القيم الجماعية الضامنة، ومن أهم المؤسسات الصانعة للترقي وللأمان الوجودي.

*كاتب وأستاذ جامعي من فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى