مقالات الخامسة

أحداث نابلس في ميزان الربح والخسارة والتوقيت الخاطئ

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كتب: المحامي علي أبو حبلة:

لا شك أن أحداث نابلس لها ما لها وعليها ما عليها ودخلت منحى ومنعطف خطير، في وقت نحن أحوج ما نكون إليه للوحدة ضمن مكون واحد يجمع الجميع من قوى وفصائل وأجهزه أمنية، لتصطف جميعاً في مواجهة ووقف الاعتداءات الاسرائيلية واستباحة الدم الفلسطيني بفعل الاقتحامات اليومية وسياسة الاعتقال، وعلى الجميع أن لا يحرف البوصلة لترتد نحو الشعب الفلسطيني نتيجتها الفوضى والفتنة والحراب الداخلي ضمن مفهوم ما يسعى الاحتلال لتحقيقه نحو فلسلطنة الصراع والاقتتال الفلسطيني الفلسطيني.
الأحداث في نابلس جداً خطيرة وتتطلب تحكيم لغة العقل والمنطق والابتعاد على الاحتكام للغة العواطف والانجرار نحو مربع الفوضى والفلتان الأمني، ونتيجتها وبال على الشعب الفلسطيني ولصالح الاحتلال ومخططاته الاستيطانية والتهويد وخلق شرخ وهوة بين الشعب الفلسطيني وأجهزته الأمنية، وجميعها مكون فلسطيني وجزء لا يتجزأ من نسيجنا الاجتماعي.
الأحداث والاشتباكات الأخيرة التي أدت إلى وفاة فراس يعيش (53 عاماً) إثر إصابته بجراح بالرأس، نقل على أثرها للمستشفى بحالة حرجة وأعلن الأطباء وفاته في وقت لاحق، على إثر احتجاجات على اعتقال “مصعب اشتية” والشهيد يعيش هو شقيق للشهيد أمجد يعيش الذي استشهد برصاص الاحتلال قبل سنوات،
وتواصلت خلال ساعات الليل المواجهات بين الشبان والأجهزة الأمنية ما أدى لإصابة أربعة مواطنين آخرين أحدهم بحالة خطيرة.
وتخلل تلك الاحتجاجات إشعالاً للإطارات المطاطية وإغلاق لعدة شوارع رئيسية بمدينة نابلس، ووفق ما أفاد به الهلال الأحمر الفلسطيني بإصابة 3 مواطنين، واحدة بحالة الخطر بالرأس وإصابتين شظايا بأحداث نابلس.
وبات يخشى من تدحرج الأحداث إلى محافظات أخرى وعدم السيطرة عليها، لندخل في دوامة العنف الذي تسعى سلطات الاحتلال لإحداثه لأنها المستفيد الأول من إحداث شرخ بين القاعدة الشعبية الفلسطينية وأجهزة الأمن، وقد شهدنا في الآونة الأخيرة حملة إعلامية إسرائيلية ضد الأجهزة الأمنية والتحريض عليها ضمن حملة مزدوجة ، حيث تشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلى أن الاحتلال الإسرائيليّ، “قريب جداً” من تنفيذ عملية واسعة في الضفة الغربية المحتلة، “ما لم تتعامل” السلطة الفلسطينية مع التصعيد الذي تشهده الضفة مؤخراً، “بشكل فعال”، جاء ذلك بحسب ما أورد “واينت”، الموقع الإلكترونيّ لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، في تقرير نشره في وقت متأخر من مساء الاثنين.
وذكر التقرير أن هناك محاولات لتنفيذ عمليات “بشكل شبه يومي” في الضفة، بحسب ما تزعم أجهزة أمن الاحتلال، وفي هذا الصدّد نقل “واينت” عن مصادر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن ما وصفه التقرير بـ”مستوى الإرهاب”، قد ارتفع إلى “عتبة ذروة موجة العمليات قبل ستة أشهر”، والتي كانت في آذار/ مارس الماضي.
مستجدات الأحداث في نابلس تأتي في التوقيت الخاطئ، لأن الشعب الفلسطيني يترقب الخطاب السياسي للرئيس محمود عباس في مخاطبة دول العالم ووضعها أمام مسؤولياتها لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، ووضعها موضع التنفيذ، وضرورة وضع حد للتنمرد والتمرد الإسرائيلي على قرارات الشرعية الدولية من قبل حكومة الاحتلال، ويجب أن تركز القيادة الفلسطينية أولوياتها في لغة الخطاب في التصدي للعدوان الصهيوني والشروع في تنفيذ خطوات لمعاقبة إسرائيل وملاحقتها عن جرائمها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وإعلام دول العالم عن الشروع بتشكيل فرق قانونية لرفع دعاوى ضد المسئولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدوليه لمسائلتها عن جرائمها في القدس والضفة الغربية وغزة واستباحة الدم الفلسطيني والقتل لمجرد القتل والحاق الضرر والقتل بلامبرر واستهداف المدنيين.
وعلى العالم أن يدرك أن ما ترتكبه سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني من خرق فاضح للقانون الدولي الانساني ولاتفاقية جنيف الثالثة والرابعة التي تحرم تعريض المدنيين للخطر في حالة الحرب، وعدم التعرض لحياتهم وممتلكاتهم وعدم المس بالبنى التحتية والاقتصادية وجميعها ترقى لمستوى جرائم حرب.
إن إسرائيل بعدوانها على غزة والقدس والضفة الغربية لم تراعي هذه الاتفاقات، ومن مصلحة الشعب الفلسطيني الاشتباك مع حكومة الاحتلال الصهيوني على الساحة القانونية والدولية، وخاصة اجتماع الهيئة العامة في دورتها ال ٧٧، والمطالبة لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، والطلب إلى سويسرا إلى عقد اجتماع طارئ للدول السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف والإصرار على توصيف إسرائيل كدولة فصل عنصري، ودعوة مجلس حقوق الانسان للانعقاد الفوري، وذلك ليتسنى ملاحقة ومعاقبة إسرائيل بموجب خطة وطنية إستراتجية.
بدلاً من الوقوع في هذا الفخ الإسرائيلي الذي تشهده أحداث نابلس ويخشى من تدحرجه، وتحاول حكومة الاحتلال من توظيفه لصالحها، على الجميع أن يدرك الخطر الذي يتهدد القضية الفلسطينية ويتهدد الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين، ولو تمعن أصحاب الرأي والفكر ذي التوجهات الوطنية في مستجدات التغيرات الدولية والاقليمية، لأدرك الجميع أن انعكاس هذه الصراعات والتغيرات على الشعب الفلسطيني يسهل للاحتلال الصهيوني مخططه لتصفية القضية الفلسطينية واستكمال مشروعه التهويدي والاستيطاني.
اتحدوا جميعاً لتصونوا حقوق شعبكم الفلسطيني، اتحدوا لكي لا تمكنوا الاحتلال من تمرير واستكمال مخططه الاستيطاني، اتحدوا لكي تفوتوا على المحتل مخطط تفريغ الأرض وتهجير الفلسطينيين، اتحدوا لأجل الانتصار لاستمرارية وأولوية القضية الفلسطينية، اتحدوا لتفوتوا الفرصة على المتربصين الذي يهدفون لتمرير أجندة الاحتلال وخلق الفوضى والفتن والعودة إلى مرحلة الفلتان الأمني، اتحدوا لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وهي سر قوتنا ومناعتنا ومواجهتنا للاحتلال.
المطلوب إشاعة جو من الثقة بين السلطة والشارع النابلسي والفلسطيني بشكل عام ضمن مسعى يقود لتحقيق الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني، لتجنيب المجتمع الفلسطيني كل حالات الفوضى والاستغلال وغيرها من التسميات.
إن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة ومفصل تاريخي يتطلب وعي الفلسطينيين لمخاطر ما تمر فيه القضية الفلسطينية تتطلب من الجميع وحدة موقف تقود للخروج من المعضلة التي تعاني منها نابلس وكل فلسطين، ويستغلها المغرضون وأصحاب الأجندات والمصالح لتجيير الأحداث لمصالحهم، وتمرير مؤامرتهم التي في محصلتها تخدم الاحتلال الإسرائيلي وتوسعه الاستيطاني والتهويدي، وتكريس الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى