الرئيسية

معهد السياسات الإسرائيلي: تل أبيب أمام تهديدات متعددة الجبهات

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الخامسة للأنباء – الأراضي المحتلة

معهد السياسات والاستراتيجيات (IPS) اللواء احتياط عاموس جلعاد

تتزايد التهديدات المشتركة التي تواجه “إسرائيل” من الداخل والخارج بشكل سريع، بطريقة يمكن أن تضر بالقوة الإستراتيجية وتؤثر على الحرية الأمنية والسياسية لـ “إسرائيل”.

أولاً وقبل كل شيء، هناك تهديد متزايد من إيران.

تعزز التقارير التي تتحدث عن وجود يورانيوم مخصب إلى مستوى 84%، -وهو أعلى مستوى تم العثور عليه حتى الآن في إيران والأقرب إلى العتبة النووية العسكرية البالغة 90%-، التقدير بأن إيران تواصل التقدم تدريجياً وبحذر في المشروع النووي.

وذلك بطريقة تسمح لها -رهنا بقرار القائد الأعلى الإيراني- بالاختراق لتحقيق القدرة النووية في أقصر فترة زمنية، في الوقت نفسه، تواصل إيران تحسين نظامها الصاروخي، مستخدمة أوكرانيا كأرض اختبار لتحسين القدرات التكنولوجية والعملياتية للطائرات بدون طيار لديها.

إن أحد العناصر الأساسية في قدرة “إسرائيل” على التعامل مع هذه التهديدات هو التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وفي ضوء ذلك، يجب إيلاء أهمية خاصة للتهديد الناشئ بإلحاق الضرر بالعلاقة الحميمة مع حكومة الولايات المتحدة.

الرسائل المتكررة من الرئيس “جو بايدن” ووزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” والسفير “نيدس” وكبار أعضاء مجلس الشيوخ، بأن العلاقات الخاصة بين الدول تقوم على القيم الديمقراطية المشتركة وحقيقة أن “إسرائيل” هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، تعكس المعارضة المتزايدة من قبل الإدارة الأمريكية إلى الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتغيير النظام القانوني.

وهذا يعني أنه إذا استمرت الحكومة في تعزيز “الانقلاب القانوني” من جانب واحد ودون مفاوضات، فسيكون هناك ضرر كبير لنظام العلاقات بين الدول واستعداد الإدارة للتعاون في القضايا المركزية لأمن “إسرائيل”.

إن انضمام الولايات المتحدة إلى الإعلان الرئاسي لمجلس الأمن الذي ينتقد قرار توسيع المستوطنات، وعدم تلقي رئيس الوزراء “نتنياهو” دعوة لزيارة واشنطن حتى الآن، دليل على الانقسام الناشئ في العلاقات الثنائية، وذلك في معزل عن العلاقات القوية والعميقة والتعاون الأمني والعسكري والاستخباراتي.

تشكل سياسة الحكومة الإسرائيلية” الجديدة تجاه الفلسطينيين عامل إضعاف آخر، فهذه السياسة، التي انعكست بالفعل في قرارات توسيع البناء الاستيطاني، وشرعنة المستوطنات وفي التطلعات بإخراج المسؤولية عن منسق الأعمال الحكومية في الأراضي الفلسطينية والإدارة المدنية من أيدي وزير الجيش، تهدف إلى إنشاء بنية تحتية للضم المستقبلي لأجزاء من الضفة الغربية، بطريقة تثير معارضة شديدة في الولايات المتحدة وفي الدول الأوروبية.

هذا، جنباً إلى جنب مع الاحتكاكات الشديدة مع السكان الفلسطينيين شرقي القدس، وفرض قيود على الأسرى الأمنيين، واتخاذ إجراءات قد يُنظر إليها على أنها تهدف إلى تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى.

كل هذا يخلق نقطة خلاف متفجرة خاصة أمام الإدارة الأمريكية، ويجمع بين الانفجارات الموجودة بالفعل مع الفلسطينيين والتي ستشتد أكثر حتى شهر رمضان المليء بالمشاعر الدينية والوطنية.

تشكل الاتجاهات الناشئة تهديداً للأمن القومي والقدرة على الصمود، وتزيد من الاستقطاب الاجتماعي، وتضعف الاقتصاد، ويجب أن تكون بمثابة إنذار لـ “الحكومة الإسرائيلية”، بالرغم من ذلك لا تزال هذه العمليات قابلة للتراجع عنها، ولكنها تتطلب تغييراً في سلوك الحكومة، لا سيما في كل ما يتعلق بالمضي قدماً في “الانقلاب القضائية” والإجراءات أحادية الجانب تجاه الفلسطينيين.

منذ تشكيلها أثبتت الحكومة أنها قادرة على اتخاذ قرارات مدروسة (إخلاء بؤر استيطانية غير قانونية، والالتزام بالامتناع عن شرعنة بؤر استيطانية إضافية، وتجنب هدم المنازل وإخلاء الخان الأحمر) من أجل منع التصعيد والحفاظ على العلاقات مع الحكومة الأمريكية.

في الواقع الحالي وبالنظر إلى التحديات متعددة الأبعاد التي تواجه “إسرائيل”، فإن الحكومة ملزمة بتبني سريع لسياسة من شأنها أن توقف التآكل في القوة الاستراتيجية للكيان.

النظام الفلسطيني على وشك الغليان
تتميز الساحة الفلسطينية بقابلية كبيرة للانفجار، بالنظر إلى الدمج بين كثرة الاحتكاكات الأمنية والأزمة المتفاقمة بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، نتيجة لسلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، والتي تهدف إلى تغيير نسيج العلاقات مع الفلسطينيين.

من جهتها، تعمل السلطة الفلسطينية على الدفع بالمعركة الناعمة ضد “إسرائيل” على الساحة الدولية (الأمم المتحدة والمحاكم في لاهاي)، إلى جانب إظهار بوادر ضعف متزايدة للسيطرة على غضبها على الأرض، وفي ضوء هذا يتزايد الخوف من أن يؤدي تراخي السلطة الفلسطينية إلى نشوء فراغات حكومية واسعة (كما هو واضح بالفعل في مناطق شمال الضفة الغربية وأريحا)، بطريقة قد تجبر “إسرائيل” على تعميق مشاركة “الجيش الإسرائيلي” وقوات الأمن من أجل إحباط العمليات النضالية.

وهذا يعني، زيادة الاحتكاك مع السكان المحليين والإضرار باستعداد “الجيش الإسرائيلي” للتعامل مع التهديدات الأخرى.

تبرز التوترات بشكل خاص في شرقي القدس، حيث تتصاعد حدة المواجهات الشعبية في الأحياء العربية على خلفية التحركات المتزايدة للحكومة (بشكل أساسي، مداهمات وهدم المنازل)، في أعقاب الهجمات التي نفذت في الأحياء العربية في المدينة في الشهر الماضي.

إن التوترات المتركزة في القدس تضع النظام الفلسطيني برمته تحت الكثير من التوتر قبل شهر رمضان، والذي قد يشعل العنف في الضفة الغربية ويؤثر أيضاً على قطاع غزة وفلسطينيي 48.

فزيارة الرئيس بايدن المفاجئة إلى “كييف” وكلماته الحازمة حول استمرار الدعم لأوكرانيا، والاتهامات التي وجهتها نائبة الرئيس الأمريكي “هاريس” في مؤتمر ميونيخ حول جرائم الحرب التي ترتكبها روسيا، والتحذيرات التي وجهها وزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” إلى الصين في حال نقلها أسلحة لروسيا، توضح الاستعداد الأمريكي لمواصلة الوقوف إلى جانب أوكرانيا وامدادها بالمساعدات العسكرية والاقتصادية الكبيرة، من ناحية أخرى، يبدي الرئيس الروسي “بوتين” تصميماً كبيراً على مواصلة الحرب.

جاء ذلك في خطابه أمام مجلسي البرلمان، حيث اتهم الغرب بالمسؤولية عن الحرب، وحذر من أن روسيا ستعمل على إبقاء مدى الأسلحة الغربية بعيداً عن حدودها، كما وأعلن عن تجميد الاتفاقية مع الولايات المتحدة للسيطرة على الأسلحة النووية.

يبدو أن الخلافات القطبية بين الطرفين غير قابلة للتوفيق في الوقت الحالي، حيث تطالب روسيا بمواصلة الاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها؛ وتطالب أوكرانيا بالانسحاب الروسي الكامل، بما في ذلك من شبه جزيرة القرم؛ وتهدف الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى ضمان الضعف الاستراتيجي لروسيا والتأكد من أنها لن تكون قادرة على تنفيذ تحركات قوية إضافية ضد دول أخرى (بالرغم من أنها على ما يبدو مستعدة للاكتفاء بعودة روسيا إلى خطوط الحدود عشية الغزو)؛ وترغب الصين في تجنب وضع تكون فيه الولايات المتحدة قادرة على الخروج من الأزمة في موقف قوي، في ضوء ذلك، يبدو أنه في غياب أفق سياسي يتوقع أن تستمر الحرب لفترة طويلة من الزمن، وهذا يعني أن درجات المخاطرة والخوف من فقدان السيطرة واتخاذ إجراءات متطرفة آخذة في الازدياد.

أدى التصعيد المتوقع وتوسيع العلاقات العسكرية بين روسيا وإيران إلى زيادة الضغط على “إسرائيل” لتغيير سياستها والوقوف بشكل أوضح إلى جانب أوكرانيا، وبهذه الروح يمكن رؤية مطالب أوكرانيا المتكررة (كما عبر عنها الرئيس زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ) من “إسرائيل” لتوفير أنظمة دفاع جوي وأسلحة إضافية.

في ضوء قدرة روسيا على الإضرار بـ “المصالح الإسرائيلية” في الساحة السورية، وأهمية الحفاظ على حرية العمل في مواجهة التهديد الإيراني المتزايد، على “إسرائيل” الاستمرار في انتهاج سياسة حذرة والامتناع عن إمداد أوكرانيا بالسلاح وأنظمة اعتراض الصواريخ.

وفي الوقت نفسه، يجب على “إسرائيل” أن تقدم لأوكرانيا أكبر قدر ممكن من المساعدة في المجالات السهلة، وأن تعثر على طرق للتعاون معها أيضاً في المجالات الحساسة.

الهدهد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى